MMASA03
قابيل و هابيل
ذكرهما الله في القرآن دون ذكر اسميهما صراحة بل اكتفى بوصفهما ابني آدم فقال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31).
ما سبب الخلاف بين قابيل وهابيل ؟
القصة في القرآن تقول ان كلا من قابيل وهابيل قد قدما قرابين إلى الله سبحانه ، فتقول الله قربان هابيل ، لصدقه وإخلاصه ، ولم يتقبل قربان قابيل ؛ لسوء نيته وعدم تقواه ، فقال قابيل - على سبيل الحسد - لأخيه هابيل :{ لأقتلنك} ، بسبب قبول قربان، ورفض قبول قرباني، فكان رد هابيل على أخيه: {إنما يتقبل الله من المتقين } ، فكان رد هابيل لأخيه قابيل ردا فيه نصح وإرشاد؛ حيث بين له الوسيلة التي تجعل صدقته مقبولة عند الله .
ثم إن هابيل إنتقل من حال وعظ أخيه بتطهير قلبه من الحسد، إلى تذكيره بما تقتضيه رابطة الأخوة من تسامح ، وما تستدعيه لحمة النسب من بر ، فقال لأخيه:{ لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين } ، فأخبره أنه إن اعتدى عليه بالقتل ظلما وحسدا ، فإنه لن يقابله بالفعل نفسه ؛ خوفا من الله ، وكراهية أن يراه سبحانه قاتلا لأخيه.
ثم إنتقل هابيل إلى أسلوب آخر في وعظ أخيه وإرشاده؛ إذ أخذ يحذره من سوء المصير إن هو أقبل على تنفيذ فعلته {إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين } . بيد أن قابيل لم يرعون لنتائج أخيه ، وضرب بها عرض الحائط ، ثم انساق مع هوى نفسه ، وزينت له نفسه الإقدام على قتله ، فارتكب جريمته، فقتل أخيه.
ما بعد جرمية قابيل ؟
على أن قابيل القاتل لم يكتف بفعل تلك الجريمة، بل ترك أخاه ملقى في العراء، معرضا للهوام والوحوش ، ولكن بعث الله غرابا يحفر في الأرض حفرة ليدفن تلك الجثة الجامدة التي لا حول لها ولا قوة من البشر ، فلما رأى قابيل ذلك المشهد ، وأخذ يلوم نفسه على ما أقدم عليه ، وعاتب نفسه كيف يكون هذا الغراب اهدى منه سبيلا فعض أصابع الندامة ، وندم ندما شديدا ، فقال عندها قابيل : {يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) ثم أخذ يفعل به ما فعل ذلك الغراب فواراه ودفنه تحت التراب .
روى الجماعة سوى أبي داوود وأحمد في مسنده عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :《 لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل 》 أي ظلما ، فعلم من ذلك أن قابيل ما تاب من قتله لهابيل .